إعداد: المجلس الأردني للأبنية الخضراء
في ضوء ما يواجهه الأردن من التحديات المتعلقة بمجالي الاقتصاد والبيئة، وتلبية لاحتياجات المجتمع المحلي المتزايدة للمياه والطاقة، كان من الواجب على المجلس الأردني للأبنية الخضراء أن يضع الخطط ويتخذ خطوات عملية وفعالة للتصدي لتلك التحديات؛ من خلال نشر مفهوم البيئة المبنية الخضراء، فجاء مشروع السكن الأخضر الميسر بشكل خاص موفراً ومشجعاً على تبني الحلول والممارسات الخضراء في تخطيط وتصميم وتطوير المباني بمختلف أنواعها، وتمكين الأفراد من الحصول على مساكن محسنة تضمن تقليل استهلاك الطاقة والمياه.
وانطلاقاً من مبدأ أن السكن الأخضر حقٌ للجميع، بغض النظر عن ظروفهم الاقتصادية،كان من الضروري تغيير مفهوم البناء الأخضر الشائع بأنه ينحصر لفئة معينة دون غيرها من المجتمع، وبأنه مُكلف وصعب التحقيق أو ذو جودة متدنية؛ لذلك جاءت هذه المبادرة بالتعاون مع مؤسسة(Habitat for Humanity Jordan)لتعزيز فكرة المساكن الخضراء ذات التكلفة المنخفضة في مناطق الدخل المتدني.
وتُعنى هذه المبادرة برفع الوعي البيئي، وخفض كلفة التشغيل للمباني من خلال الإجراءات المناسبة والصديقة للبيئة، وتدريب عمال البناء في المجتمع المحلي على أساليب ومواد البناء الأخضر،كما أن هذه المبادرة تُعنى بحقوق الانسان؛ إذ أن العيش في مسكن يوفر لساكنيه بيئة داخلية صحية ذات تصميم بيئي مستدام، ويقلل استهلاك الطاقة والمياه، ويقلل تكلفة المعيشة، هو حق لجميع المواطنين، ويجب أن يكون سهل المنال وملائماً في التكلفة.
وقد أقيمت أول جلسة توعوية تحت مظلة هذا المشروع عام 2014، بمشاركة مؤسسات المجتمع المحلي، وكانت تهدف لمناقشة ومشاركة المبادئ الأساسية للمبادرة، وزيادةالوعي المجتمعي والمسؤولية البيئية بين الأفراد.
وتم المباشرة بأول مشروع مسكن أخضر ميسر في عام 2015، إذ بدأ السكن الأخضر في وحدة سكنية صغيرة في قرية عقربا- شمال إربد، وتم تنفيذه من قبل متطوعين وبالتعاون مع جمعية (Habitat)من أجل الإنسانية. وبعد مرور عام؛ لوحظ أنه قد تم تبني الفكرة من قبل 6 عائلات أخرى في نفس المنطقة، وذلك لقناعتهم بما شاهدوه ولملامستهملأثرالبناء الأخضر في توفير الطاقة والمياه وتوفير بيئة صحية ومريحة.
لقد شعر المجلس بالأثر الإيجابي الفوري من الأسر المحلية، فقدم مبادرة إعادة التدوير، حيث تم تصميم كواسر شمسية بتوظيف موارد ومهارات متاحة في البيئة المحلية لتحسين مساكن مبنية مسبقاً؛ من خلال استخدامإطارات نوافذ معدنية قديمة، والقش الذي يتوفر ويستعمل بكثرة في البيئة المحلية، إذ أشارت العديد من الدراسات لأهمية التظليل في الفراغات والمساكن، وأثره على الراحة الحرارية والتبريد وتقليل استهلاك الطاقة، ودراسات أخرى وجدت أن معدل حفظ الطاقة قد وصل 9-12% سنوياً.
هذا المنتج البيئي قابل للتطويروالتحسين، ويوفر فرص عمل للأفراد بأن يصبح منتجاً متوفراً في الأسواق المحلية، ولا يقتصر استعماله على المباني السكنية،وإنما في الفنادق والمرافق المختلفة،فهو يتيح فرصة حقيقية للمجتمع ويستثمر مختلف الآليات والوسائل لتطوير واستحداث عناصر مشابهة.
تهدف هذه المبادرة للجمع ما بين المعرفة التقنية الخضراء وخلق بيئة تفاعلية؛ حيث تمكن السكان المحليين واللاجئين من العمل سوياً ومكنهم من تبادل الخبرات، وقد تم القيام بالعديد من عمليات الإصلاح الأخضر في مناطق مختلفةلأكثر من 48 منزلا في المملكة، مثل دير علا وعجلون والمشارع والضليل، كما تم أيضاً تقديم الدعم الفني والإرشادات الهندسية فيما يخص عناصر السكن الأخضر ودعم بناء 3 منازل لذوي الدخل المحدود في السلط وعجلون.
كان لهذه المبادرة أثر في نسيج المجتمع المحلي؛ فقد وفرت جلسات تدريب عمال البناء فرصة حقيقية للتلاحم والترابط بين السكان المحليين واللاجئين السوريين عبر الانخراط في أنشطة المشروع المختلفة معاً، وقد شهدنا بعد العمل على نشر الوعي، وإقامة الأنظمة البيئية المناسبة، وتحقيق نتائج ملموسة، تغييراً في تفكير الأفراد،إذ اتجه السكان لتأييد وحث الآخرين على تبني المبادئ الخضراء بعد أن كانوا معارضين لأنظمة التسخين وتجميع المياه؛وذلك لانخفاض شعبيتها في العديد من المجتمعات المحلية.
نطمح الآن للتوسع بهذا المشروع، ونسعى لتحقيق وايجاد شراكات استراتيجية تتشارك معنا الرؤى والرسالة، لاستمرار نشر الوعي واستكمال مهمتنا وسعينا في تبني ونشر مبادئ العمارة الخضراء بين كافة أطياف المجتمع، وفي كافة الأحياء السكنية والمساحات الحضرية في العاصمة والمحافظات، وذلك لغرس مبادئ وعناصر البناء الأخضر في المجتمعات المحلية،وبالذات الأقل حظاً منها، لتقليل التكلفة اليومية التشغيلية،والمساهمة في تحسين صحة المواطنين وتقليل الأمراض المزمنة.
12-كانون الثاني-2019 12:26 م